«سوداليتكا» يُجري استطلاعًا  لمعرفة آراء السودانيين حول أسباب الحرب ومجرياتها ومآلاتها

إجتماعي ،سياسي

تميز المشهد السياسي في السودان بالتعقيد وعدم الاستقرار منذ حصول البلاد على استقلالها في العام 1956، حيث تواترت فترات الانقلابات العسكرية والحكم الشمولي التي تخللتها محاولات انتقال ديمقراطي سرعان ما تقوضت بالتدخلات العسكرية. وأتت آخر هذه المحاولات في ديسمبر 2018 عقب اشتعال الاحتجاجات على طول البلاد وعرضها، بسبب خفض الحكومة الدعم الاقتصادي والاجتماعي، الاحتجاجات التي أعلنت اندلاع ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الإنقاذ الشمولي الذي حكم البلاد لنحو ثلاثين عامًا.

إلا أن طريق الانتقال الديمقراطي انقطع مجددًا بعدما نفذ الجيش السوداني وقوات الدعم السريع انقلابًا عسكريًا أطاح بالحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021، وتم اعتقال رئيس الحكومة الانتقالية، عبدالله حمدوك، وعدد كبير من القيادات السياسية والوزراء والمسؤولين المدنيين، وأعلن البرهان حالة الطوارئ وحل الحكومة ومجلس السيادة الانتقاليين.

جاء انقلاب 25 أكتوبر 2021 بعد تصاعد الخلافات بين المكونين العسكري والمدني للسلطة الانتقالية، اللذين تبادلا في الشهور التي سبقت الانقلاب اتهامات بشأن الرغبة في الاستيلاء على السلطة. كذلك سبق الانقلاب  إطلاق رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، مبادرة “الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال” لمخاطبة ما أسماها تحديات الشراكة، معبرًا عن قلقه من تفاقم الخلافات بين المكونين العسكري والمدني وبداخلهما كذلك.

في الأثناء، احتج السودانيون/ات على انقلاب 25 أكتوبر 2021 منذ بدايته وانتظمت التظاهرات بشكل يومي، ولم تشفع عودة رئيس الوزراء لمنصبه في نوفمبر من العام نفسه في احتواء الغضب الشعبي الذي استمر في هيئة تظاهرات مستمرة لم تتوقف، بقيادة لجان المقاومة في الخرطوم وولايات السودان، لأكثر من عام سقط فيه أكثر من 100 شهيد وإصابة الآلاف.

ومع ذلك، كانت المساعي السياسية مستمرة لإيجاد حل ينهي حالة الانقلاب ويستعيد التحول المدني الديمقراطي ليتم في الخامس من ديسمبر 2022، توقيع الاتفاق الإطاري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مع  قوى الحرية والتغيير و كيانات نقابية ومنظمات مجتمع مدني للتمهيد لتشكيل سلطة مدنية انتقالية، وشرع الطرفان بعد ذلك في إقامة ورش لمناقشة عدد من القضايا ممثلة قي العدالة الانتقالية، اتفاقية سلام جوبا، الإصلاح الأمني والعسكري، قضايا شرق السودان، وإزالة التمكين  تمهيداً للاتفاق النهائي.

على الرغم من المحاولات المستمرة، إلا أن الخلافات بين الجيش وقوات الدعم السريع بلغت أقصى مداها قبل ذلك، وتصاعدت إلى مستوى النزاع المسلح بين الطرفين في العاصمة الخرطوم، حيث اندلعت الاشتباكات في صباح يوم 15 أبريل 2023.

 شهدت العاصمة اشتباكاتٍ عنيفة، كما تصاعدت وتيرة القتال والقصف المدمر في إقليمي دارفور وكردفان، وخلفت الحرب أضرارًا جسيمة في البنية التحتية والمرافق الحيوية، بما في ذلك شبكات المياه والخدمات الصحية، كما توقف عمل البنوك والمؤسسات المالية، وعانت أغلب مناطق العاصمة من انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات بشكل متكرر، وعمت أعمال النهب الشوارع.

ولم يتوقف الأمر عند الاضطرابات الأمنية، بل فاقم النزاع الاحتياجات الإنسانية بصورةٍ مهولةٍ، فبات قرابة 25 مليون سوداني بحاجةٍ ماسةٍ للمساعدات الإنسانية العاجلة، واضطر ما يزيد عن 6.8 مليون شخص إلى الفرار من منازلهم بحثًا عن الملاذ الآمن.

منذ اندلاع الحرب شرعت أطراف وطنية ودولية وإقليمية عديدة في بحث سبل الوساطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لإيقاف الحرب، أبرزها الوساطة السعودية – الأمريكية في منبر جدة، الآلية الثلاثية المكونة من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية «إيقاد»، والأمم المتحدة. كذلك كونت مجموعة من القوى المدنية تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» التي وقعت اتفاقًا مع قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو «حميدتي» في الثاني من يناير الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا تمهيدًا للتفاوض بين طرفي القتال، وجاء ذلك استجابة لطلب اجتماع من «تقدم» لكل من قيادة الجيش والدعم السريع.

ويشكل الراهن السياسي الآن، بجميع تعقيداته وعوامله المتعددة، محكاً شديد الخطورة للمواطنين/ات الذين يعانون من ويلات الحرب للشهر العاشر على التوالي، الأمر الذي دفع «بيم ريبورتس» لإجراء استطلاع لمعرفة آراء السودانيين والسودانيات حول أسباب الحرب ومجريات الحرب ومآلاتها ودرجة ثقتهم في الفاعلين السياسيين.

المنهجية

الفترة الزمنية للدراسة:

تم جمع البيانات التي بنيت عليها نتائج الدراسة في الفترة بين 12 نوفمبر 2023 وحتى 26 نوفمبر 2023، ويجدر التنبيه إلى احتمالية وجود فروقات في الآراء خارج الإطار الزمني المذكور.

مجتمع الدراسة:

المواطنون/ات السودانيون داخل وخارج السودان

استراتيجية المعاينة:

نسبة لاتساع نطاق انتشار العينة وخطورة الوضع الأمني في بعض المناطق داخل السودان بسبب الحرب ومحدودية الموارد، اعتمد فريق البحث الطرق غير الاحتمالية، وتم استخدام طريقة العينة الملائمة من خلال منصات «بيم ريبورتس» على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الأخرى التي قد تتيح وصولًا إلى مجموعات أوسع مثل قروبات السودانيين على منصة فيسبوك ومجموعات الواتساب (المجموعات الشبابية، المجموعات النسوية، لجان المقاومة، وغيرها). كما تم استخدام العينة الهادفة لمحاولة تحقيق أكبر درجة من التنوع في تغطية المناطق الجغرافية المختلفة لمجتمع الدراسة، حيث قام فريق البحث بعد مرور أول أسبوع من عملية جمع البيانات بتقييم العينة التي تم جمعها وملاحظة انخفاض كبير في نسبة مشاركة النساء وانخفاض نسبة المشاركة في بعض من الولايات داخل السودان. بناءً على ذلك قمنا  بإعادة نشر الاستطلاع ومشاركته مع مجموعات نسائية أكثر، إضافة لذلك تم تعيين أربع جامعي بيانات في ولايات: (سنار، القضارف، كسلا، النيل الأبيض) حيث تم اختيارها بناءً على انخفاض نسبة المشاركة منها وإمكانية التعاون مع جامعي بيانات للعمل بها وفقاً للموارد المتاحة.

 

حجم العينة:

 

كان الهدف جمع 800 عينة، وتم اختيار هذا العدد لتحقيق أعلى درجة دقة وتمثيل ممكنة تتناسب مع الموارد المتاحة لإجراء البحث، وتم جمع 862 عينة سليمة بنهاية الفترة المحددة لجمع البيانات.

 

جمع البيانات:

 

تم تصميم الاستبيان وجمع البيانات باستخدام تطبيق Kobotoolbox  مفتوح المصدر، واستمرت عملية جمع البيانات لمدة أسبوعين (12 – 26 نوفمبر / 2023)، تم خلالها جمع 862 عينة سليمة من مجتمع الدراسة، وتم استخدام طريقتين في جمعها:

  • 662 عينة تم جمعها (أونلاين) من خلال نشر الاستطلاع في المنصات المختلفة التي تم ذكرها سابقاً.
  • بينما تم جمع 200 عينة (132 أنثى/ 68 ذكر) بواسطة جامعي بيانات بصورة مباشرة وجهًا لوجه من الولايات الأربع التي تم اختيارها، وتم اختيار المستجيبين لأي منطقة بصورة عشوائية من قبل جامعي البيانات، وفق معايير للاختيار: أهمها  السكن الجغرافي وتنوع الفئات العمرية والنوع الاجتماعي.

قيود الاستطلاع:

  • خطورة الوضع الأمني في بعض الولايات داخل السودان. 
  • صعوبة إمكانية الوصول للمواطنين في المناطق التي تضعف فيها أو لا توجد بها شبكات إنترنت أو وصول للمنصات الإلكترونية التي تم نشر الاستطلاع بها، حيث قام فريق البحث بتعيين جامعي بيانات في جزء من تلك المناطق لضمان تمثيل آرائهم لكن لم نتمكن من تغطيتها كلها نسبة لصعوبة إمكانية الوصول إلى بعضها ومحدودية الموارد المتاحة لإجراء الاستطلاع.
  • كانت هناك بعض التحديات في البيانات التي تم جمعها بشكل مباشر (انخفاض مستوى التعليم والوعي السياسي لدى بعض المبحوثين، الخوف من المشاركة في مواضيع تتعلق بالآراء السياسية، ضعف الشبكة في بعض الأحيان)، حيث قام جامعو البيانات ببذل جهد لتجاوزها من خلال شرح الاستطلاع بشكل مبسط ولهجة محلية و طمأنتهم بأن معلوماتهم الشخصية لا يتضمنها الاستطلاع وحثهم على المشاركة بتوضيح مدى أهمية مشاركتهم.
  • انخفاض مستوى مشاركة النساء.

 

الاعتبارات الأخلاقية:

تم تقديم مقدمة توضيحية في بداية الاستبيان تتيح للمشارك الاطلاع على أهداف المشروع. كما عمل فريق البحث على الحفاظ على سرية المشاركين عن طريق جمع الحد الأدنى من المعلومات الشخصية التي تسمح لفريق البحث التأكد من صحة ومصداقية العينات المجموعة.

نتائج وتحليل الاستطلاع

:البيانات الأساسية وخصائص العينة

التوزيع الجغرافي : «يشير إلى مناطق وجود المستجيبين عند جمع البيانات أي بعد النزوح بسبب الحرب»، تم جمع «862» عينة موزعة داخل وخارج السودان، حيث تم جمع «512» عينة من داخل السودان تمثل «%59.40» من مجموع العينات، و«350»عينة من خارج السودان تمثل «%40.60» من مجموع العينات. موضحة في «الشكل 1»:

الشكل رقم «1»

داخل السودان تم جمع «110» عينات من ولاية الخرطوم تمثل «%12.76» من مجموع العينات، و«62» عينة من ولاية النيل الأبيض تمثل «%7.19» من مجموع العينات، و«62» عينة من ولاية كسلا تمثل «%7.19» من مجموع العينات ، و«59» عينة من ولاية القضارف تمثل «%6.84» من مجموع العينات، و«55» عينة من ولاية الجزيرة تمثل «%6.38» من مجموع العينات، و«53» عينة من ولاية سنار تمثل «%6.15» من مجموع العينات، و«34» عينة من ولاية البحر الأحمر تمثل «%3.94» من مجموع العينات، و«77» عينة من ولايات نهر النيل، الشمالية، شمال كردفان، غرب كردفان، شمال دارفور، جنوب دارفور، شرق دارفور و جنوب كردفان  تمثل «%8.93» من مجموع العينات حيث انخفضت نسبة المشاركة في تلك الولايات كما هو موضح في قيود الاستطلاع. «الشكل 2» أدناه يوضح نسب توزيع العينات داخل ولايات السودان:

الشكل رقم «2»

خارج السودان تم جمع «114» عينة من مصر تمثل «%13.23» من مجموع العينات، و«79» عينة من السعودية تمثل «%9.16» من مجموع العينات، و«57» عينة من الإمارات تمثل «%6.61» من مجموع العينات، و«13» عينة من قطر تمثل «%1.51» من مجموع العينات، و«10» عينة من الولايات المتحدة تمثل «%1.16» من مجموع العينات، و«10» عينات من أوغندا تمثل «%1.16» من مجموع العينات، و«8» عينات من كينيا تمثل «%0.93» من مجموع العينات، و«8» عينات من بريطانيا تمثل «%0.93» من مجموع العينات، و«5» عينة من سلطنة عمان تمثل «%0.58» من مجموع العينات، و«4» عينة من فرنسا تمثل «%0.46» من مجموع العينات، و«4» عينات من أثيوبيا تمثل «%0.46» من مجموع العينات، و«38» عينة من الدول الأخرى تمثل «%4.41» من مجموع العينات. «الشكل 3» أدناه يوضح نسب توزيع العينات خارج السودان:

الشكل رقم «3»

الفئات العمرية:

يوضح «الشكل 4» أن غالبية المستجيبين كانوا من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً حيث مثلو «%64.27» من نسبة المستجيبين، بينما كانت مشاركة كبار السن منخفضة حيث مثلت نسبة مشاركة الذين تجاوزت أعمارهم 56 عاماً  «%8.35».

الشكل رقم «4»

النوع الاجتماعي:

يُبين تحليل النوع الاجتماعي في «الشكل 5» أن غالبية المستجيبين كانوا ذكورًا بنسبة «%63.92»، بينما مثلت نسبة المستجيبات الإناث (%36.08)، وكانت تلك من التحديات التي واجهت جمع البيانات كما ذُكر سابقًا في قيود الاستطلاع.

«شكل 5 يوضح توزيع النوع الاجتماعي»

المستوى التعليمي: 

بالنسبة للمستوى التعليمي، يتضح من «الشكل 6» أن غالبية المستجيبين كانوا جامعيين حيث مثلوا «%67.17» من نسبة المستجيبين وهم أكثر الفئات وجودًا وتفاعلاً على منصات التواصل الاجتماعي، و«%22.74» دراسات عليا، و«%7.19» ثانوي، بينما انخفضت نسبة مشاركة الأقل تعليمًا وكان تمثيلهم «%2.90» من مجموع المستجيبين، وكانوا ضمن العينة التي تم عمل مقابلات معها بشكل مباشر ولاحظ جامعو البيانات أن غالبيتهم لم يكونوا على دراية بالشؤون السياسية في الدولة بما فيها الاتفاقيات السياسية التي كانت تجري قبل اندلاع الحرب والأطراف المدنيين والعسكريين المشاركين فيها.

الشكل رقم «6»

:أسباب اندلاع الحرب

الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لم تكن بدايتها في ذلك اليوم بل ترجع أسبابها للعديد من العوامل التي كانت كامنة وتنتظر فتيل الاشتعال فقط. عندما سألنا المواطنين/ات عن آرائهم حول هذه الأسباب أجابت النسبة الأكبر  «%24.83» أن السبب هو الصراع الدائر حول السلطة والثروة والطمع في تملكها والانفراد بها وأضاف «%2.90» أن الجهات المتصارعة كانت تقوم بتقديم مصالحها الشخصية على المصلحة العامة وغياب الإرادة الوطنية لديهم.

رأى «%16.94» أن توسع قوات الدعم السريع وطموحهم في السلطة وإهمال الجيش ومساهمته في تمكين تلك القوات وانعدام الثقة والخلاف فيما بينهم مهد لتمرد قوات الدعم السريع، فيما أضاف «%8.70» أن ذلك يرجع للمشاكل الهيكلية المتمثلة في تعدد الجيوش والتدخل العسكري في الشؤون السياسية.

 أشار «%15.66» إلى أن عدم التوافق بين المكونات السياسية والعسكرية كان أحد تلك العوامل إضافة إلى أن ضعف وفشل القوى المدنية والسياسية وسوء إدارة الفترة الانتقالية ساهموا في حدوث انقلاب 21 أكتوبر كما أسهموا أيضاً في فشل الاتفاق الإطاري حيث يرى«%3.02» أن الملابسات حول ذلك الاتفاق كانت سبباً لاندلاع الحرب.

أرجع «%13.92» أسباب اندلاع الحرب إلى النظام السابق (حزب المؤتمر الوطني المحلول) لرغبتهم  في الإفلات من المحاسبة والعودة إلى السلطة مرةً أخرى وقطع الطريق أمام الانتقال الديمقراطي، فيما أضاف «%8.12» أن التدخلات الخارجية وأجندتها المتمحورة حول تحقيق مصالحهم كان لها دور كبير حيث أشار معظمهم إلى دور دولة الإمارات في استمرار الحرب  بدعم قوات الدعم السريع.

 وتمثلت الآراء الأخرى بنسبة «%9.86» في تفشي الخطاب العنصري والقبلي وعدم تقبل البعض للآخر والعوامل التاريخية المتراكمة مثل انعدام العدالة والتنمية غير المتوازنة.

الشكل رقم «7»

كما يلاحظ من «الشكل 7 » أن غالبية المستجيبين بنسبة «%49.07» يرون أن العملية السياسية التي سبقت الحرب لم تكن تسير بشكل صحيح لذلك أسهمت في تفاقم الأوضاع مما أدى لاندلاع الحرب، بينما اختلف معهم «%24.59» حيث أنه من وجهة نظرهم أن العملية السياسية كانت تسير بشكل صحيح لكن اندلاع تلك الحرب قوّض عملية الانتقال الديمقراطي، بينما رأى «%16.36» أن العملية السياسية لم تكن جيدة ولكن لا علاقة لها بما يحدث، وأضاف آخرون«%4.67» أن الاتفاق الإطاري هو السبب المباشر.

الشكل رقم «8»

«%81.21» من المستجيبين رأوا أن النظام السابق (حزب المؤتمر الوطني المحلول) كانت له مشاركة في هذه الحرب، وعندما سألنا عن شكل هذه المشاركة أجاب «%47» منهم أن دورهم كان بمثابة قيادة مباشرة في تحريك القوات المسلحة والتأثير عليها، بينما أشار «%32.43» منهم إلى أن دورهم اقتصر على التحريض والتآمر لخلق الفتن بين طرفي النزاع، وكان رأي «%13.86» منهم أن دورهم تمثل في دعم صفوف الجيش لكن دون تدخل قيادي فعلي، وأضاف آخرون«%2»  أن تلك  المشاركة لم تكن بين صفوف الجيش فقط بل أن لهم وجود بين صفوف الدعم السريع أيضًا، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من أن «%81.21» من المستجيبين يرون أن النظام السابق شارك في هذه الحرب إلا أن نسبة «%13.92» فقط ذكروا أنه كان لهم دور أساسي في اندلاع الحرب كما ذكر سابقاً.  

الشكل رقم «9»

كما يرى «%21.93» من المستجيبين أن قوى الحرية والتغيير كان لهم دور وصفه الغالبية بأنهم يمثلون غطاءً وحاضنة سياسية لقوات الدعم السريع ويقدمون لها الدعم الإعلامي واللوجستي وأنهم ساهموا في التحريض للحرب. بينما أشار «%8.82» إلى دور التدخل الخارجي بدعم وتمويل الحرب لتمرير أجندة تتعلق بمصالحهم الشخصية كما تكرر ذكر دولة الإمارات دونًا عن غيرها مشيرين إلى دعمها لقوات الدعم السريع. بينما يرى«%8.82» أن بعض الأحزاب السياسية كان لها دور أيضًا في التحريض للحرب ودعمها حيث تكرر ذكر حزب الأمة وحزب المؤتمر السوداني. فيما أكد «%4.64» من المستجيبين دور حزب المؤتمر الوطني المحلول (النظام السابق) في تمويل ودعم الحرب والتحريض لتأجيج النزاع، وأضاف آخرون أن الحركات المسلحة كان لها دور بالتحريض ودعم الحرب أيضًا. موضح في «الشكل 9» 

الشكل رقم «10»

 يُظهر «الشكل 10» موقف المواطنين/ات من طرفي النزاع حيث كان موقف «%44.32» منهم ضد طرفي النزاع كما وصف آخرون موقفهم بأنه ضد الحرب ككل، بينما تمثل موقف «%42.32» بدعم الجيش (القوات النظامية)، وأضاف آخرون أنهم يدعمون الجيش كمؤسسة وطنية لكنهم ضد الفساد المستشري داخله وبين قياداته وذلك يفسر أن نسبة «%27.96» من المستجيبين كما هو موضح في «الشكل 11 » لا زالت تثق في الجيش باعتباره القوة النظامية التي من شأنها حماية الوطن، ووصف «%7.77» موقفهم بالحياد.

نلاحظ أيضًا، أن «%1.51» فقط كان موقفهم داعم لقوات الدعم السريع ويفسر ذلك من خلال «الشكل 11 » أدناه حيث يُلاحظ بشكل واضح الاتجاه السلبي لمستوى الثقة في قوات الدعم السريع.

       «شكل 11» يوضح تقييم مستوى الثقة في المؤسسات المدنية والعسكرية والحكومية

الشكل رقم «11»

 يُلاحظ أيضاً من «الشكل 11» أن مستوى الثقة والرضا عن الأحزاب السياسية يميل إلى السلبية بشكل واضح فعندما سُئل المستجيبون عن العوائق التي قد تقف أمام تحقيق استقرار سياسي في الدولة أجاب«%15.78» منهم أن كثرة الأحزاب السياسية وضعفها و المحاصصات وتقديم المصالح الشخصية سيشكل مشكلة وأنه ينبغي أن يتم إصلاح سياسي على مستوى الأحزاب وتعمل على تجهيز برامجها الانتخابية وتلتزم بعدم التدخل بأجندة في أي فترة انتقالية.

وأضاف «%9.40»أن انهيار البنى التحتية والتدهور المستمر في الأوضاع الاقتصادية والأمنية والصحية سيشكل عائقاً أيضاً، فمنذ اندلاع الحرب لحقت أضرار جمة في كافة المؤسسات والأوضاع الإنسانية، رصد (سوداليتيكا) بعضًا منها في تقريره بعد مرور الستة أشهر الأولى من اندلاع الحرب ، مما يفسر النسبة الكبيرة من عدم الرضا عن أدائها  التي يوضحها لنا «الشكل 11».

 بينما مال مستوى الثقة إلى الاتجاه الإيجابي بعض الشيء بالنسبة لقوى المجتمع المدني ولجان المقاومة، حيث ظلت لجان المقاومة تعمل على سد النقص في الاحتياجات من خلال غرف الطوارئ بالرغم من أن ذلك كان يعرض حياتهم للخطر في كثير من الأحيان، كما حاولت العديد من جهات المجتمع المدني العمل على خلق مبادرات لتوحيد جهود القوى المدنية من أجل الضغط لإيقاف الحرب.

الشكل رقم «12»

  «74.83%» من المستجيبين يدعمون التفاوض كحل لكن على أن يكون وفق شروط تضمن العدالة والاستقرار بشكل أفضل، وهذا ما لم يكن يحدث في كل الاتفاقيات والمفاوضات التي سبقت الحرب، وخالفهم الرأي «%12.06» حيث أنهم كانوا ضد التفاوض، بينما كان موقف«%8.7» داعماً للعودة لطاولة التفاوض واستمرار العملية السياسية التي سبقت الحرب. موضح في «الشكل 12»

الشكل رقم «13»

 وفيما يخص مسألة التدخل الخارجي، يرى «%37.82» أنه ينبغي أن يقتصر دور التدخل الخارجي في إطار المساعدات الإنسانية، بينما كان رأي «%35.73» أنه يمكن أن يكون لهم دور في الوساطة السياسية لكن دون تدخل عسكري، إضافة لذلك أشار «%20.3» إلى أنهم يدعمون تدخل قوات أممية في السودان لحل هذه الأزمة، بينما تمسك «%2» بموقف رافض تماماً لأي شكل من أشكال التدخل الخارجي.

الشكل رقم «14»

يرى «%51.86» من المستجيبين أن الأولوية لوقف الحرب لكن وفق اتفاقيات مشروطة تحقق العدالة، لكن «%36.08» كان يرون أن الأولوية لوقف الحرب واطلاق النار فقط أي كانت التبعات، بينما رأى «%8.82» أن وجود طرفي النزاع لن يحقق الاستقرار لذلك لابد من انتصار أحد الأطراف، حيث أشار البعض أنه ينبغي أن يتم حسم القوات المتمردة وحلها.

ما هي توقعاتك لتطورات الأحداث في السودان الشهور المقبلة؟

عند السؤال عن توقعات المستجيبين للفترة المقبلة كانت توقعات النسبة الأكبر منهم سلبية حيث توقع «%30.97» منهم أن تتسع رقعة الحرب أكثر وتتدهور الأوضاع وذلك بالفعل ما حدث في منتصف ديسمبر حيث قامت قوات الدعم السريع بنقل الصراع الى مدينة ود مدني مهددة بذلك الولايات المحيطة بها أيضاً. بينما توقع «%16.71» توقف الحرب إما بالتفاوض أو انتصار الجيش وحسم قوات الدعم السريع، و أجاب «%12.76» أن مجريات الأحداث في السودان غير واضحة لذلك ليست لديهم أي توقعات، وكانت توقعات «%10.21» أن تستمر الحرب على وضعها الحالي (ملحوظة: كان ذلك عند فترة القيام بالاستطلاع)، كما توقع البعض أن يحدث تقسيم للبلاد، وتوقع آخرون تراجع قوات الدعم السريع من الخرطوم وسيطرتها على دارفور.

في حال توقف الحرب ما هي العوائق التي قد تقف أمام تحقيق الاستقرار السياسي وما هي الحلول المقترحة لتحقيقه؟

يرى «%19.14» أن وجود النظام السابق (الكيزان) سيشكل عائقاً كبيراً، وأشار «%18.10» إلى  الإشكاليات المتعلقة بتعدد الجيوش في الدولة والتدخل العسكري في الشؤون السياسية. كما أضاف البعض أن قوات الدعم السريع سيمثل وجودها والتعامل معاها عائقاً كبيراً، وذكر «%15.78» الإشكاليات المتعلقة بضعف القوى المدنية والأحزاب السياسية، وكان رأي «%9.63» أن عدم وجود رؤية واضحة موحدة وصعوبة توافق الرؤى المختلفة سيشكلان عائقاً أيضًا، وأضاف آخرون أن العوائق الأخرى تتمثل في القضايا المتعلقة بتحقيق العدالة الانتقالية والاجتماعية، التدخلات الخارجية، العنصرية والقبلية، الصراع حول السلطة، و العوامل الهيكلية التي أدت إلى اندلاع الحرب.

تلخصت الحلول المقترحة في عمل إصلاحات عسكرية وأمنية مع التأكيد على عدم تدخل العسكر في الشؤون السياسية، وضرورة التوافق حول رؤية وطنية موحدة من خلال حوار شامل، القيام بإصلاح سياسي وتكوين حكومة كفاءات مستقلة لفترة انتقالية تمهد للقيام بانتخابات نزيهة، تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة، تقديم المصلحة الوطنية، إشراك الشباب/ات بشكل فاعل وتمثيلهم ومكافحة الخطاب العنصري.

:الختام

تُظهر نتائج الاستطلاع أن العوامل الأساسية التي أدت لاندلاع الحرب تمثلت في الصراع حول السلطة والثروة وغياب الإرادة الوطنية مع تقديم للأجندة والمصالح الشخصية إضافة إلى المشاكل الهيكلية التي تمثلت في  تعدد الجيوش والتدخل العسكري في الشؤون السياسية والمدنية، حيث نلاحظ انعدامًا كبيرًا في الثقة والرضا عن المؤسسات العسكرية النظامية وغير النظامية ويرجع ذلك لتاريخها الانقلابي وتدخلها المستمر في السياسة وشؤون الحكم الأمر الذي لم يتح أي فرص لتحقيق استقرار سياسي  يمكننا من بناء دولة مؤسسات تقوم على أساس المواطنة وتحقق العدالة.

كذلك نلاحظ تحفظًا كبيرًا في مسألة التدخل الخارجي حيث أكد بعض المستجيبين ضرورة فرض رقابة على أي تدخل خارجي إن لزم الأمر ذلك، بينما كان رأي غالبية المستجيبين حصر دور التدخلات الخارجية في إطار المساعدات الإنسانية فقط.

أيضًا الفراغ السياسي الذي تسبب فيه ضعف القوى المدنية والسياسية و الانشقاقات والخلافات فيما بينها، إضافة إلى انعدام العدالة والتهميش والخطاب العنصري داخل المجتمع السوداني.

ويلاحظ أيضًا، من توقعات المستجيبين لمجريات الأحداث أن الدولة السودانية تنزلق نحو هاوية توسع مستمر في الحرب قد تؤدي إلى تقسيم البلاد، وأشار غالبيتهم إلى ضرورة وقف الحرب ووقف إطلاق النار فوراً، كما أكدوا على ضرورة التوافق حول رؤية شاملة موحدة يكون أساسها إرادة وطنية خالصة من أي أجندات شخصية لإنقاذ البلاد من هذه الهوة التي تنحدر إليها، ومن ثم العودة بالبلاد إلى مسار الإنتقال الديمقراطي وتكوين حكومة.

مشاركة التقرير

البريــد الإلكتروني

© 2022 Beam Reports. created with PRIVILEGE