منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، اتجه عشرات الآلاف من السودانيين صوب مصر طلبًا للأمن والاستقرار. وفي حين أبدت الحكومة المصرية، عبر قنواتها الرسمية، في البداية، موقفًا داعمًا للاجئين وطالبي اللجوء من السودانيين، وتعهدت بتوفير خدماتها لهم كاملةً دون تمييز – لم ينعكس هذا الخطاب الحكومي الداعم للاجئين السودانيين على سلوك بعض المواطنين المصريين في الفضاء الرقمي؛ إذ حُمّل اللاجئون السودانيون مسؤولية جوانب مختلفة من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر، مثل ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف الإيجار.
ازدادت المشاعر المعادية للاجئين في مصر جراء انتشار خطابات تحريضية ومعلومات مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي. فيما تشير السياسات التي تبنتها السلطات المصرية لاحقًا تجاه اللاجئين السودانيين، مثل فرض قيود صارمة على حصول السودانيين على تأشيرات الدخول، وخلق عقبات أمام حصولهم على الإقامة الرسمية – تشير إلى تناقضٍ فجّ بين الخطاب الرسمي للدولة والممارسات الفعلية على الأرض.
يهدف هذا البحث إلى تحديد السمات الأساسية للخطاب التحريضي ضد اللاجئين السودانيين، وتقييم مدى انتشار المحتوى ذي الصلة بهذا الخطاب على منصة «إكس» (تويتر سابقًا)، وتحليل الأنماط المرتبطة بانتشاره. ويشمل ذلك تحليل فترات ارتفاع التفاعل وتكثيف النشر. بالإضافة إلى ذلك، تسعى الدراسة إلى تحديد الفاعلين الأساسيين وراء هذا المحتوى، وتحليل دوافعهم وانحيازاتهم.
حدد البحث -الذي يأتي في جزئين- وَسْمَين «هاشتاغين» رئيسين مرتبطين بخطاب الكراهية الذي يستهدف اللاجئين السودانيين على منصة «إكس». وبناءً على عدد المشاهدات والمحتوى المنشور، اختار «فريق بيم» وسمي «#ترحيل_جميع_اللاجئين_مطلب_شعبي» و«#ترحيل_السودانيين_من_مصر»، بعد تحليل أكثر من (10) وسوم ذات صلة.
ويُعرّف «خطاب الكراهية» في سياق هذه الدراسة بأنه «نوع استثنائي من الخطابات، قادر على إثارة المشاعر السلبية وتأجيج الصراعات والتأثير في المجتمعات والأفراد عند تداوله في ظروف معينة».
يستعرض هذا الجزء من التقرير السياق التاريخي لوجود الجالية السودانية في مصر وتأثير الحرب الحالية في وجود السودانيين في مصر. كما يتتبع التغييرات في السياسات المصرية تجاه اللاجئين السودانيين بعد اندلاع الحرب. ويتضمن التقرير أيضًا تحليلًا مفصلًا للوسمين المذكورين أعلاه. أما الجزء الثاني من التقرير، فسيُركز على تحليل الشبكات المرتبطة بنشر الخطاب التحريضي ضد اللاجئين في مصر، مع تسليط الضوء على أبرز الفاعلين في نشر هذا الخطاب، وطبيعة اللغة والإستراتيجيات المستخدمة لزيادة انتشاره.
واستخدم الفريق نهجين لتحليل الوسمين المذكورين: النهج الكمي الذي يتضمن تحليل بعض المؤشرات، مثل عدد مستخدمي «إكس» الذين شاركوا في استخدام الوسمين في الفترة من يناير إلى يوليو 2024، وإجمالي المشاهدات، وعدد الحسابات التي تستخدم الوسوم، وتكرار التغريدات لكل حساب؛ فيما ركز النهج النوعي على تحديد السمات الرئيسة لخطاب الكراهية في التغريدات، والكلمات المفتاحية التي استخدمت في عملية البحث، بالإضافة إلى تحليل الآراء (Sentiment analysis) لتحديد نسبتي التغريدات السلبية والإيجابية المرتبطة بكل وسم.
السياق التاريخي والاتجاهات الحديثة في هجرة السودانيين إلى مصر
منذ عقود عديدة قبل اندلاع الحرب الحالية في السودان، احتضنت مصر جالية سودانية كبيرة جذبتها الروابط الجغرافية والتاريخية واللغوية الممتدة بين البلدين. وجعلت هذه الروابط الوثيقة من مصر وجهةً مفضلةً للسودانيين الفارين من النزاعات المتكررة في بلادهم والباحثين عن حياة أفضل؛ فقد سهلت بساطة الدخول إلى مصر هجرة العديد من السودانيين إليها واستقرار جالية سودانية كبيرة في مصر.
قبل نحو نصف قرن، أعفت السلطات المصرية السودانيين من شرط الحصول على تأشيرة دخول إلى أراضيها، بموجب اتفاق «التكامل بين مصر والسودان» في منتصف السبعينات، والذي جاء تعبيرًا عن «الروابط القوية والتعاون المستمر بين البلدين»، وسمح بحرية الحركة وساهم في تعزيز التبادل الثقافي والاجتماعي بين الشعبين السوداني والمصري. ولكن ألغت السلطات المصرية الاتفاق في أعقاب محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق «حسني مبارك» والتي اتُهم نظام البشير بالضلوع في التخطيط لها وتنفيذها، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في العام 1995. وقاد هذا الحادث إلى تدهور العلاقات المصرية السودانية، وأدى إلى فرض قيود جديدة على دخول السودانيين إلى مصر.
في العام 2004، وفي محاولة لإعادة بناء العلاقات وتسهيل حركة المواطنين بين البلدين، وقع البلدان -مصر والسودان- على «اتفاقية الحريات الأربع» التي تنص على حرية التنقل، وحرية الإقامة، وحرية العمل وحرية الملكية لمواطني البلدين.
في أعقاب الاضطرابات السياسية في السودان بعد هبة سبتمبر 2013 والتعليق المستمر للدراسة في الجامعات السودانية، ومن ثمّ اندلاع ثورة ديسمبر في العام 2018 وما بعدها، برزت مصر ضمن الوجهات المفضلة للطلاب السودانيين الذين يسعون إلى مواصلة تعليمهم في الخارج. وعرضت مصر على الطلاب السودانيين تخفيضًا بنسبة «70%» في الرسوم الدراسية، مقارنةً بالمبالغ المفروضة على المغتربين، مما جعلها خيارًا جاذبًا للسودانيين.
ومنذ ما قبل حرب أبريل 2023، احتضنت مصر جالية سودانية كبيرة، فيما ظلت معدلات هجرة السودانيين إلى مصر في ارتفاع مطرد جراء النزاعات وعدم الاستقرار، وكانت رؤية تجمعات كبيرة للسودانيين، كما هو الحال في حي «فيصل» غربي القاهرة، أمرًا معتادًا للمصريين. ولم يكن مستوى خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي تجاه هذه المجتمعات على هذه الدرجة من السفور من قبل.
بعد اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، سرعان ما أضحت مصر إحدى الوجهات الرئيسة للسودانيين الفارين من ويلات الحرب. يوضح الشكل رقم (1) ارتفاع عدد اللاجئين السودانيين في مصر من (61) ألف لاجئ في أبريل 2023 إلى (108) ألف لاجئ بحلول أغسطس 2023. واستمر العدد في الارتفاع، بمعدلات كبيرة، لا سيما بعد هجوم «الدعم السريع» على ولاية الجزيرة بوسط السودان، والذي أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من سكان الجزيرة ومن النازحين الذين فروا إليها من الخرطوم، للمرة الثانية. بحلول يناير 2024، وصل عدد اللاجئين السودانيين في مصر إلى (232) ألف لاجئ.
فيما تضاعف عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة (UNHCR)، في الفترة ما بين يناير إلى يونيو 2024، وارتفع من (208) ألف لاجئ في يناير إلى (402) ألف لاجئ في يونيو 2024. ووفقًا لبيانات المفوضية، زاد عدد اللاجئين السودانيين في مصر خمسة أضعاف منذ اندلاع النزاع في السودان، ويمثلون الآن أكثر من (52%) من إجمالي اللاجئين المسجلين في مصر.
الشكل رقم (1): تحديث الاستجابة لحالة الطوارئ في السودان (10 يوليو 2024) المصدر: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في مصر
سياسات الحكومة المصرية تجاه السودانيين
خلال نزوح السودانيين إلى مصر جراء الحرب المشتعلة في بلادهم منذ أبريل 2023، حافظت الحكومة المصرية على موقف رسمي يُبدي التزامًا بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تهدف إلى حماية اللاجئين. ومع ذلك، تراجع هذا الموقف مع المخاوف المتصاعدة من تزايد العبء الاقتصادي على مصر جراء تدفق اللاجئين وعدم كفاية الدعم الدولي.
في مايو 2023، أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال مقابلة صحفية، عن التزام بلاده بالاتفاقيات الدولية لحماية اللاجئين. ومع ذلك، سلط شكري الضوء على «الضغط الكبير على موارد مصر»، لافتًا إلى أن مصر لا تستطيع تحمل العبء المالي الكامل بمفردها. وجادل شكري بأن على أوروبا أيضًا، بمواردها الأكبر، الوفاء بالتزاماتها الدولية والإنسانية وتحمل مسؤولياتها تجاه دعم اللاجئين.
ومع تزايد عدد اللاجئين، عبّرت الحكومة المصرية، على نحوٍ متزايد، عن مخاوفها من الضغوط الاقتصادية الناجمة عن تدفق اللاجئين. وصرح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان علاء شلبي، في يونيو 2024، بأن القاهرة تعاني جراء ارتفاع أعداد اللاجئين وعدم كفاية المساعدات الدولية. وأشار شلبي إلى أنّ مصر تلقت أقل من (100) مليون دولار من إجمالي الدعم المباشر وغير المباشر على مدار الخمسة عشر شهرًا الماضية، واصفًا هذا المبلغ بأنه «غير كافٍ لتغطية الخدمات المقدمة للاجئين».
أدى انزعاج الحكومة المصرية المتزايد من وضع اللاجئين إلى سياسات أكثر صرامة. في الأشهر الأولى التي أعقبت اندلاع النزاع في السودان، علقت الحكومة المصرية اتفاق «الحريات الأربع» الذي سهل في السابق حركة المواطنين السودانيين إلى أراضيها. وتضمنت القيود الجديدة ضرورة حصول النساء والمواطنين السودانيين الذين تزيد أعمارهم على (50) عامًا على تأشيرة دخول مسبقة إلى الأراضي المصرية، فيما تراوحت مدة الانتظار للحصول على هذه التأشيرات من أربعة إلى سبعة أشهر.
بالإضافة إلى ذلك، فرضت السلطات المصرية قيودًا على حصول المواطنين السودانيين على تأشيرات دخول إلى أراضيها من القنصليات المصرية خارج السودان، مع استثناء بعض الدول، مثل الإمارات وعمان والسعودية إلى جانب بعض الدول الأوروبية. وفوق ذلك، يواجه المواطنون السودانيون داخل مصر صعوبات في الحصول على تصاريح الإقامة التي تعد ضرورية للحركة داخل البلاد. ساهمت هذه التعقيدات في الوضع القانوني للاجئين في مصر إلى تزايد المخاوف من المضايقات التي يواجهونها باستمرار إلى جانب خطر الترحيل القسري المحتمل.
في يونيو 2024، دعت منظمة «العفو الدولية» السلطات المصرية إلى الوقف الفوري للاعتقالات الجماعية والترحيل «غير القانوني» للاجئين السودانيين. واستشهد تقرير المنظمة بأدلة على آلاف اللاجئين الذين احتجزتهم السلطات المصرية ورحّلتهم تعسفيًا. وتقدّر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد السودانيين الذين أعادتهم السلطات المصرية إلى بلادهم، في سبتمبر 2023 فقط، بثلاثة آلاف شخص. وأدانت نائبة مدير المنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة حشاش، هذه الأعمال وعدّتها «غير إنسانية»، وحثت مصر على «احترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان وحماية اللاجئين».
ويشير تقرير «العفو الدولية» إلى زيادة كبيرة في الاعتقالات الجماعية في مصر في أعقاب قرار حكومي في أغسطس 2023 يُطالب الأجانب بتسوية أوضاع إقاماتهم، إلى جانب تصاعد خطاب الكراهية ضد الأجانب. تزامن تصاعد عمليات الترحيل مع تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر في مجال مراقبة الهجرة.
وتجادل منظمة «العفو الدولية» بأن الاتحاد الأوروبي يخاطر من خلال هذا التعاون بـ«التواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان». وتتعرض شراكة الاتحاد الأوروبي مع مصر، والتي تشمل التمويل لتعزيز قدرات مراقبة الحدود، للانتقاد لـ«افتقارها إلى ضمانات صارمة لصيانة حقوق الإنسان». ودعت سارة حشاش الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على مصر لحماية اللاجئين ودعم معايير حقوق الإنسان.
تزايد الخطاب المعادي للاجئين السودانيين
يسلط تقرير منظمة «العفو الدولية» الضوء على «العنصرية الشديدة وكراهية الأجانب» اللتين تواجهان اللاجئين السودانيين في مصر، علاوةً على «هجمات عنيفة من مصادر غير حكومية» في غياب الحماية الكافية من السلطات المصرية. فيما أفادت «هيومن رايتس ووتش» بأنّ النساء السود، بمن فيهن السودانيات، معرضات، على نحوٍ خاص، للعنف الجنسي بدوافع عنصرية. ومنذ مايو 2023، تصاعدت العنصرية، عبر الإنترنت، ضد اللاجئين السودانيين في مصر، بالتزامن مع حملات منسقة على وسائل التواصل الاجتماعي تروج لطرد اللاجئين، وتحاول تشويه سمعة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتدعو إلى تشديد الرقابة على الحدود.
في مايو 2023، رصد تقرير أصدرته منصة «درج» الإعلامية (10) وسوم نشِطة على وسائل التواصل الاجتماعي ترفض وجود اللاجئين السودانيين في مصر. واكتسبت هذه الوسوم التي تشمل #طرد_السودانيين_من_مصر و#إغلاق_الحدود، زخمًا، وجذبت آلاف المشاركات والتفاعلات، مما يبرز جهودًا منسقةً لتعزيز المشاعر المعادية للاجئين في مصر. وعلى الحضور القوي لهذا النوع من الخطابات على الإنترنت، إلا أنّ تأثيرها الفعليّ على الأرض ما يزال محدودًا.
ذكر تقرير «درج» أيضًا أن الحملات ضد اللاجئين السودانيين في مصر مدعومة من مجموعات منظمة، مثل «التحالف المصري لوسائل التواصل الاجتماعي» الذي يضم أعضاء مرتبطين بالأوساط الرسمية ومؤيدين للحكومة، إلى جانب صفحات قومية أخرى مثل «الوعي المصري»، تدعم هذه الحملات والخطابات باستمرار، وتستخدم المواقف والبيانات الرسمية في تبريرها. وساهمت هذه الجهود في خلق بيئة عدائية تجاه اللاجئين والأجانب عمومًا في مصر.
تحليل الخطاب المعادي للاجئين السودانيين من يناير إلى 23 يوليو 2024
تحليل وسم #ترحيل_جميع_اللاجئين_مطلب_شعبي *
يوضح التحليل أن وسم #ترحيل_جميع_اللاجئين_مطلب_شعبي هو الأكبر من حيث الانتشار والمشاهدات والعدد الإجمالي للمنشورات. وعلى عكس الوسوم الأخرى، ينشر هذا الوسم خطاب كراهية ومعلومات مضللة تجاه اللاجئين السوريين والسودانيين معًا. منذ بداية هذا العام، نما الوسم نموًا كبيرًا على منصة «إكس»، ووصل إلى أكثر من (17.9) مليون مستخدم (يُعَدّ الوصول تقديرًا لعدد المتابعين المكررين لجميع الحسابات الفريدة على «إكس»)، كما حصل على (53.1) مليون مشاهدة (عدد المشاهدات في جميع الإشارات على «إكس»، مع احتساب أيّ شخص سجل الدخول إلى «إكس» وشاهد منشورًا يتضمن الوسم بصرف النظر عن مكانه وما إن كان يتابع المؤلف أم لا)، و(551) ألف تضمين للوسم (الحجم الإجمالي للمنشورات)، وأكثر من (32) ألف مؤلف (عدد حسابات «إكس» الفريدة).
بالنظر إلى الشكل رقم (2)، لاحظ «فريق بيم» ارتفاعًا كبيرًا في تضمين الوسم في منتصف يناير 2024، بلغ ذروته عند نحو (6.9) ألف تغريدة في يوم واحد. كما لاحظ الفريق اتجاهًا تصاعديًا، بدءًا من أواخر مايو 2024، بلغ ذروته في أواخر يونيو وأوائل يوليو 2024، ووصلت المنشورات التي تضمنت الوسم إلى أكثر من (10) آلاف منشور في أعلى الأيام. وتقلب العدد طوال فترة المراقبة، مع ذروة ملحوظة في منتصف يناير وأواخر فبراير ويونيو 2024 بالكامل. لاحقًا بدأت تلك الأعداد في الانخفاض في يوليو 2024، لكنها ظلت مرتفعة مقارنةً بالأعداد من فبراير إلى مايو 2024.
يوضح الشكل رقم (3) تحليل الآراء بشأن وسم #ترحيل_جميع_اللاجئين_مطلب_شعبي، والتي تكشف عن ميل كبير نحو «السلبية»، إذ تعبر نسبة ساحقة تبلغ (85.9%) من المنشورات المرتبطة بهذا الوسم -أي نحو (474) ألف منشور- عن مشاعر سلبية. وتُظهر هذه النسبة المرتفعة مدى انتشار خطاب الكراهية والمعلومات المضللة التي تستهدف اللاجئين في مصر. وعمومًا، تشير البيانات إلى مشاعر سلبية سائدة في المحتوى المتعلق بالوسم، مما يسلط الضوء على مدى اتساع الخطاب العدائي وصعوبة التحديات التي يواجهها اللاجئون في مصر على منصات التواصل الاجتماعي.
يوضح الشكل رقم (4) لوسم #ترحيل_جميع_اللاجئين_طلب_شعبي الكلمات الرئيسة المرتبطة بالخطاب المصاحب للوسم على وسائل التواصل الاجتماعي. ويظهر أن الوسم سائد على نحو بارز، مما يشير إلى استخدامه على نطاق واسع. وتشير الكلمات الرئيسة مثل «مصر Egypt وسوريا Syria والسودان Sudan» إلى التركيز الجغرافي للمنشورات. كما يُظهر تضمين عبارات مثل «أنا المصري أولى ببلدي» و«ترحيل السودانيين من مصر»، المشاعر القومية والمواقف المعادية للأجانب في مصر.
تحليل وسم #ترحيل_السودانيين_من_مصر *
يمكن أن تُعزى الزيادة في نشاط الوسمين «#ترحيل_السودانيين_من_مصر و# ترحيل_جميع_اللاجئين_مطلب_شعبي»، في شهري يناير ويوليو 2024، إلى عدة عوامل؛ إذ يمكن ربط الزيادة في يناير 2024 بأحداث محددة في السودان مرتبطة بالحرب أو بحالة عدم الاستقرار السياسي، إذ تؤدي مثل هذه الأحداث إلى زيادة في تدفق اللاجئين السودانيين إلى مصر. شهدت الأشهر الأخيرة من العام 2023 وبداية العام 2024 سلسلة هجمات نفذتها قوات «الدعم السريع» على مدن ولاية الجزيرة التي اتخذها العديد من الفارين من حرب الخرطوم مستقرًا. جراء هذه الهجمات، توجه العديد من السودانيين نحو مصر بحثًا عن الأمان والاستقرار، مما أدى إلى زيادة واضحة في أعداد اللاجئين السودانيين في مصر. ومن خلال مقارنة الزيادة في أعداد اللاجئين، بفترة زيادة النشاط في الوسم، نلاحظ التقارب؛ إذ بدأ النشاط في الارتفاع في يناير 2024.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُعزى الارتفاع في نشاط الوسم على وسائل التواصل الاجتماعي في يونيو ويوليو 2024 إلى التغييرات التي حدثت في سياسات الحكومة المصرية تجاه الأجانب المقيمين في البلاد؛ إذ حددت الحكومة المصرية الثلاثين من يونيو 2024 موعدًا نهائيًا للأجانب لتسوية أوضاع إقاماتهم، كما أصدرت تعليمات، ابتداءً من مطلع يوليو 2024، إلى مؤسسات الدولة بوقف الخدمات المقدمة إلى المعفيين من تصاريح الإقامة، ومعاملة الأفراد الذين لا يحملون الوثائق المطلوبة على أنهم مخالفين للقانون، مما يعرضهم لخطر الترحيل القسري. وأدى هذا التغيير في السياسات المصرية إلى زيادة مخاوف اللاجئين، لا سيما أولئك المعرضين لخطر الترحيل القسري، كما أدت في الغالب إلى تغذية النقاشات بشأنهم وتأجيج المشاعر السلبية ضدهم. فيما أدى احتمال الترحيل القسري للاجئين وفقدانهم الوصول إلى الخدمات الأساسية إلى تكثيف استخدام الوسم وتعزيز الخطاب السلبي ضدهم، لا سيما عبر الإنترنت، مما ساهم في زيادة نشاط الوسوم، إذ تفاعل الناس باستمرار مع التدابير التي اتخذتها الحكومة المصرية إزاء اللاجئين.
من ناحية أخرى، تضطلع التغطية الإعلامية بدور إضافي، إذ ترتبط فترات التركيز الإعلامي المكثف على قضايا اللاجئين غالبًا بنشاط متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي، مع احتمال وجود حملات منسقة تهدف إلى إشاعة مشاعر معادية للاجئين في مصر، مما يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في استخدام الوسوم؛ إذ يروج مؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي أو مجموعات محددة، لأهداف معينة، سياسية أو إعلامية.
أُعدّ هذا التقرير بالتعاون مع «كود فور أفريكا» (Code for Africa)، من خلال زمالة AAOSI، وهي مبادرة تعاونية تهدف إلى تمكين المنصات الإعلامية والمنظمات غير الحكومية في الدول الأفريقية من مكافحة الشائعات والدعاية التضليلية من خلال دورات تدريبية وموارد أخرى، بهدف تعزيز صحة المعلومات ودعم التعاون بين المحققين في المنطقة الأفريقية.