من إندونيسيا إلى السودان.. خطاب كراهية ودعاية حربية من أجل الربح

إجتماعي ،ميديا

مع اتساع رقعة الحرب في السودان، تحوّل الفضاء الرقمي إلى ساحة موازية يتداخل فيها خطاب الكراهية مع المحتوى التحريضي والمعلومات المضللة. وفي ظل غياب الرقابة الفعالة على منصات التواصل الاجتماعي، ظهرت أنماط رقمية تستغل هذا الواقع ليس فقط للتأثير في الرأي العام، بل أيضًا لتحقيق أرباح مالية. ضمن جهودها المستمرة لرصد هذه الظواهر، أعدّت «بيم ريبورتس» عبر وحدة «سوداليتيكا» هذا التقرير الذي يتناول مجموعة صفحات تُدار من خارج السودان، وتحديدًا من إندونيسيا، تستهدف الجمهور السوداني بمحتوى عالي التحريض.

رصد التقرير أكثر من 50 صفحة على فيسبوك، يتابعها أكثر من خمسة ملايين مستخدم، تعتمد على إعادة نشر مقاطع مأخوذة من بثوث مباشرة على منصة «تيك توك»، تتضمن خطابات عنصرية وتحريضية، وتُقدم في سياق مثير يهدف إلى جذب التفاعل الجماهيري. لا تظهر لدى هذه الصفحات توجهات سياسية واضحة، لكن العامل المشترك بينها هو استخدامها المكثف لأدوات الربح التي تتيحها المنصات المختلفة، سواء عبر خاصية «النجوم» أو «الاشتراك» في «فيسبوك»، أو «الهدايا» في  «تيك توك»، أو إعادة رفع المحتوى على يوتيوب. يكشف التقرير كيف أصبحت الحرب السودانية جزءًا من اقتصاد رقمي غير خاضع للمساءلة، تُستخدم فيه أدوات التواصل لتكريس خطاب الكراهية كسلعة قابلة للترويج، مستفيدة من خوارزميات تدفع بالمحتوى المتطرف وتكرّسه في الوعي العام.

«تيك توك لايف»: الكراهية سبيلًا إلى الربح

انتشرت خلال الحرب وما قبلها العديد من الحسابات على منصة «تيك توك»، تبث بوتيرة شبه يومية محتوى عن الأحداث السودانية، وتحظى بمتابعة واسعة. وأصبحت المنصة حاضنةً رئيسةً لعدد من الشخصيات الأساسية في نشر خطابات الكراهية وتعزيزه في الفضاء الرقمي السوداني. وهذه الشخصيات يستضيف بعضها بعضًا، وأحيانًا تستضيف مقاتلين مشاركين في الحرب، مستفيدةً من المناخ الاجتماعي المتوتر لنشر خطابات الكراهية وتطبيعها.

ويحقق هؤلاء الأفراد أرباحًا مباشرة عبر «تيك توك»، إذ تتيح المنصة للمتابعين إرسال الهدايا لصانعي المحتوى، مما يشجعهم على الاستمرار في تقديم محتوى متطرف يضمن لهم مزيدًا من التفاعل والمكاسب المالية. وعليه، يصبح خطاب الكراهية ليس فقط أداة تحريض، بل وسيلةً للربح، تُحفّز على نشر مزيد من العنف اللفظي والتقسيم الاجتماعي.

من «تيك توك» إلى «فيسبوك» و«يوتيوب»

لم يقتصر استغلال خطاب الكراهية على «تيك توك»، بل امتد إلى منصات أخرى مثل «فيسبوك» و«يوتيوب». وأنشئت العديد من الصفحات والحسابات على هذه المنصات بهدف إعادة نشر محتوى البثوث المباشِرة من «تيك توك»، وتحقيق أرباح عبر تفعيل خاصية تلقي الهدايا أو الأموال، مثل «النجوم»، في «فيسبوك»، كما تتيح عدد من هذه الصفحات على «فيسبوك» للمتابعين خيار الاشتراك برسوم شهرية، والذي يعد بمنح المتابعين المشتركين مزايا خاصة.

تنشأ هذه الصفحات بأسماء مرتبطة بالسودان أو الديمقراطية أو الدولة المدنية والثورة، لكن الغرض الحقيقي منها هو نشر المحتوى المأخوذ من «تيك توك». وبعض هذه الصفحات تنشر المحتوى نفسه على «يوتيوب»، ولكن مع معدلات تفاعل أقل.

كيف تساهم هذه الشبكة في نشر الكراهية؟

اعتمد تحليل هذه الظاهرة على دراسة معمقة لـ 15 صفحة ضمن الشبكة، إذ صُنف الخطاب الذي يمكن وصفه بأنه خطاب كراهية إلى ثلاث فئات رئيسة بناءً على الفئات المستهدفة أو طبيعة الخطاب نفسه.

طبيعة المحتوى وآلية انتشاره

لا تنتج هذه الصفحات محتوى خاصًا بها، بل تعيد نشر محتوى الآخرين، لا سيما البثوث المباشرة. وتتضمن هذه البثوث حوارات بين مؤيدي الجيش ومؤيدي «الدعم السريع»، وفي بعض الأحيان تجمع بين الطرفين في بث واحد، وهو النوع الأكثر خطورة في نشر خطاب الكراهية. وغالبًا ما تتحول هذه الحوارات إلى سجالات حادة تتعدى الإساءات الشخصية إلى وصم جماعات إثنية أو مناطق جغرافية بأكملها بصفات سلبية، مما يعزز الاستقطاب الاجتماعي. وساهمت هذه الصفحات، عبر البثوث المباشِرة، في نشر العديد من المصطلحات على نطاق واسع، وتطبيع استخدامها في وسائل التواصل الاجتماعي، مما يزيد من مخاطر انتقالها إلى الحياة اليومية.

أنواع خطابات الكراهية المنتشرة

كشف تحليل الخطاب المتداول عن ثلاثة أنماط رئيسة من خطاب الكراهية:

  • خطاب يحط من إنسانية المخاطب: يستخدم عبارات تقلل من قيمة الأفراد أو مكانتهم الاجتماعية، مثل: «عب»، و«عبيد»، و«جلابة»، و«فلنقاي»، و«أمباي».
  • خطاب ينفي انتماء المخاطب إلى الدولة: يسعى إلى تغريب مجموعات بأكملها، عبر وصفها بأنها غير سودانية، مثل «عرب النيجر» و«عرب تشاد» أو غيرهما من التسميات التي تهدف إلى عزلهم مجتمعيًا.
  • خطاب يربط مجموعة معينة بصفات سلبية: يهدف إلى إلصاق صفات، مثل الانحلال الأخلاقي أو الخضوع، بمجموعة معينة، مثل استخدام مصطلح «ود الضيف» أو «فلنقاي».

ومع أن النمطين الأول والثالث متشابهان، إلا أنّ الفرق الرئيس بينهما يكمن في أن الأول يستهدف تقليل قيمة الشخص نفسه، فيما يركز الثاني على إلصاق صفات نمطية بمجموعة بأكملها.

انتشار الخطاب وتأثيره في المجتمع

أجرى فريق «سوداليتيكا» دراسة بين 15 نوفمبر 2023 و15 نوفمبر 2024، كشفت عن انتشار واسع لخطاب الكراهية عبر هذه المنصات. والمقلق في الأمر هو أن التكرار المستمر لهذا الخطاب في البثوث المباشِرة والتعرّض المكثف له جعله جزءًا من اللغة اليومية في وسائل التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، أصبح استخدام مصطلح «فلنقاي» أمرًا شائعًا خارج سياقه الأصلي، مما يشير إلى تطبيع خطاب الكراهية في الفضاء العام.

إنّ تحول هذه العبارات إلى مفردات متداولة لا يفقدها طبيعتها التحريضية، بل يجعل مكافحتها أكثر صعوبة، إذ تصبح جزءًا من الخطاب اليومي، مما يفرض تحديات كبيرة على الجهود الرامية إلى الحد من خطاب الكراهية، تتطلب إستراتيجيات أكثر شمولًا للتصدي لهذا النوع من المحتوى قبل أن يترسخ في النسيج الاجتماعي.

دور الخوارزميات في تعزيز خطاب الكراهية

تضطلع خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي بدور جوهري في دفع خطاب الكراهية، إذ تعطي الأولوية للمحتوى الذي يولّد تفاعلًا واسعًا، وهو غالبًا المحتوى التحريضي أو المثير للانقسام. وتخلق هذه الخوارزميات غرف صدى، مما يعرض المستخدمين، على نحو أساسي، لوجهات نظر تتوافق مع آرائهم، وهو ما يؤدي إلى تعزيز التطرف وانتشار خطاب الكراهية.

تروج منصات التواصل الاجتماعي فكرة أنها مساحات حرة للنقاش، لكن الواقع مختلف؛ إذ تتحكم الخوارزميات في إبراز بعض الأصوات وتهميش أخرى، مما يجعل المحتوى الجدلي والمثير للانقسام أكثر حضورًا. وأدى تطور أنظمة التوصية إلى انتشار المحتوى بناءً على مدى قدرته على إثارة ردود فعل قوية، وليس بناءً على جودته أو فائدته. ونتيجة لذلك، هيمنت الخطابات المتطرفة والمحتوى العدائي على منصات مثل «فيسبوك» و«إكس»، إذ يُروّج المحتوى المثير للجدل لأنه يجذب مزيدًا من التفاعل.

ومع أن هذه المنصات تزعم أنها تدعم حرية التعبير، فإن خوارزميّاتها تعزز الأصوات المتطرفة، مما يقلل من مساحة النقاش المعتدل. ويقترح بعض الباحثين حلولًا مثل استعادة الترتيب الزمني للمحتوى أو منح المستخدمين مزيدًا من التحكم في ما يظهر لهم، لكن هذه الحلول ليست كافية لضمان بيئة متوازنة بالكامل؛ فالمشكلة الأساسية ليست فقط في عدم ضبط المحتوى، ولكن في الخوارزميات التي تضخم خطاب الكراهية وتنشره، مما يجعل الحاجة إلى حلول جديدة ضرورية لضمان بيئة رقمية أكثر عدالة وانفتاحًا.

الاستثمار في الكراهية: كيف تستغل الشبكات الاجتماعية الانقسامات؟

عمومًا، تحظى البثوث المباشرة على منصة «تيك توك» بأعداد هائلة من المشاهدات، وذلك بسبب الطبيعة الشعبوية للخطاب الذي يستغل الكراهية أداةً للإثارة والتشفي، وهو ما يتضخم في أوقات الحروب والنزاعات. ولا تكتفي هذه الصفحات بنشر البثوث المباشرة التي تحتوي على خطابات كراهية، بل تركز أيضًا على نظريات المؤامرة العسكرية والمعلومات المضللة، وكل ما يمكن أن يجذب المشاهدين. ويتضح من تنوع المحتوى وعدم اتساق توجهاته أن الهدف الرئيس لهذه الصفحات ليس طرح وجهة نظر معينة، بل جذب أكبر قدر ممكن من المشاهدات والتربح منها، حتى لو كان ذلك على حساب النسيج الاجتماعي السوداني.

إن انتشار هذا النوع من المحتوى، بدعم من خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، يخلق بيئة رقمية مشحونة تستثمر في الانقسام وتعزز التطرف، مما يتطلب تدخلات فعّالة للحد من تأثيره وحماية المجتمعات من تداعياته الخطيرة.

غياب المساءلة.. آثار مميتة على الأرض

منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، شهد السودان ارتفاعًا حادًا في خطاب الكراهية عبر الإنترنت. وعلى خطورة الوضع، كانت استجابة منصات التواصل الاجتماعي ضعيفة، بل –في كثير من الأحيان– غائبة تمامًا، مما سمح بانتشار خطاب الكراهية دون مساءلة أو تدخل فعال.

تحظر معظم منصات التواصل الاجتماعي خطاب الكراهية والتحريض في سياساتها، إذ تمنع «ميتا»، على سبيل المثال، المحتوى الذي يستهدف الأفراد أو المجموعات بناءً على العرق أو الدين. وتحظر أيضًا المقارنات المهينة للبشر بالحيوانات، والاتهامات الجماعية بجرائم خطيرة أو سلوكيات غير أخلاقية، كما تمنع الدعوات إلى الأذى أو التهديد بالكوارث أو الوفاة، وكذلك تفعل «تيك توك» إذ تحظر خطاب الكراهية بجميع أشكاله، سواء كان مباشرًا أو غير مباشر، ويشمل ذلك الصور النمطية، الإهانات، الرموز المشفرة، والميمات التي تروّج للتمييز. وتقول المنصة إنها تستخدم تقنيات متقدمة ومراقبين بشريين لرصد المخالفات.

يظهر هذا التقرير أن «تيك توك» تعتبر وبلا منازع المنصة الأساسية التي يتم عبرها إنتاج ونشر خطاب الكراهية المرتبط بالنزاع في السودان. فمعظم المحتوى المحرّض الذي تنتجه الشخصيات المعروفة باستخدام هذا النوع من الخطاب يُبث أولًا عبر«تيك توك» من خلال البثوث المباشرة، قبل أن يُعاد توظيفه على منصات أخرى مثل فيسبوك ويوتيوب. هذا النمط يجعل من تيك توك مصدرًا رئيسيًا في سلسلة انتشار هذا الخطاب، دون أن يُلاحظ وجود أي تدخل فعلي أو مساءلة واضحة من قبل إدارة المنصة، رغم تعهدها العلني بمحاربة الكراهية بجميع أشكالها.

ولا يقتصر انتشار خطاب الكراهية في السودان على الفضاء الرقمي، بل يمتد ليترك آثارًا حقيقية ومميتة على الأرض. فعلى سبيل المثال، سبقت أحداث العنف ضد سكان «الكنابي» في ولاية الجزيرة بوسط السودان حملات كراهية مكثفة. واستهدفت هذه الحملات سكان «الكنابي» باتهامات بأنهم يعملون لمصلحة قوات الدعم السريع أو يتعاونون معها، وصاحبتها دعوات متكررة لإزالة «الكنابي» من الولاية، مما ساهم في تأجيج العنف ضدهم وتصعيد التوترات على الأرض.

الدعاية الحربية المرتبطة بالصفحات

تركّز الصفحات المذكورة أيضا على إعادة نشر محتوى يرتبط بالدعاية الحربية للقوات المسلحة. وتُعرّف «الدعاية الحربية» بأنها جهد منظم للتلاعب بآراء الأفراد وأفكارهم عبر استخدام وسوم وشعارات وأفكار محددة تُنشر على نحو منظم للتأثير في الخصم أو الجمهور العادي. ويمكن تصنيف المحتوى الذي تروّجه هذه الصفحات إلى قسمين رئيسيين:

القسم الأول: نشر محتوى عن التقدمات العسكرية ومعلومات حصرية بشأن أحداث معينة

يعتمد هذا المحتوى على نشر مقاطع فيديو دورية عن التقدمات العسكرية للقوات المسلحة في بعض المناطق، والهجمات التي يشنها الجيش على قوات الدعم السريع في محاور مختلفة. وغالبًا ما تحتوي هذه المنشورات على أرقام غير مؤكدة لحجم الخسائر التي خلّفتها هجمات القوات المسلحة، مع استخدام لغة تركز على الإثارة والتضخيم بدلًا من الدقة والموضوعية.

ومع أن بعض المعلومات قد تكون صحيحة أو يصعب نفيها، فإن غياب المصادر الموثوقة أو نسبة الأخبار إلى مصادر مجهولة، يقلل من مصداقيتها. كما أن اللغة المستخدمة في هذه المنشورات تُظهر درجة عالية من التحيز، مما يجعل هذه الصفحات مصادر غير موثوقة للمعلومات.

وفي السياق نفسه، تركّز هذه الصفحات على نشر نظريات وتحليلات غير مؤكدة بشأن أحداث معينة، مثل مقتل القائد الميداني في «الدعم السريع» رحمة الله المهدي، المعروف باسم «جلحة»؛ إذ نشرت العديد من مقاطع الفيديو التي تزعم أن مقتله جاء نتيجة تصفية داخلية في قوات الدعم السريع، أو أنه كان جزءًا من اتفاقات وتحالفات سرية بين الأطراف المتحاربة. ومع أنه لا دليل حاسم يؤكد  هذه المزاعم أو ينفيها، فإن الصفحات تعتمد على مصادر مجهولة أو غير موجودة، ما يشير إلى أن الهدف الأساسي هو الإثارة وجذب الاهتمام الجماهيري وزيادة المشاهدات على حساب دقة الأخبار المتداولة ومصداقيتها. وبناءً على ذلك، يمكن تصنيف هذا النوع من المحتوى ضمن «الدعاية الحربية».

القسم الثاني: إعادة نشر محتوى محدد من صانعي محتوى معينين

أظهرت التحليلات أن الصفحات المذكورة تعتمد على نشر وإعادة نشر محتوى مُنتج من قبل عدد محدد من صانعي المحتوى، مما يبرز وجود نمط منظم يُعرف بأسلوب «النشر وإعادة النشر». ويعتمد هذا الأسلوب على نشر معلومات على وسائل التواصل الاجتماعي وإعادة نشرها على نحو متكرر، مما يؤدي إلى تعزيز مصداقيتها في أذهان المتلقين حتى وإن كانت غير صحيحة.

ويُلاحظ أن المحتوى الذي يعيد هؤلاء الأفراد إنتاجه يتبع نهج القسم الأول نفسه، إذ يقدمون معلومات مزعومة «من خلف الكواليس» عن العمليات العسكرية للجيش، بالإضافة إلى تحليلات ونظريات بشأن أحداث معينة، مثل الكشف عن تفاصيل مزعومة بشأن مقتل «حميدتي» أو تقديم «معلومات سرية» عن اتفاقات بين أطراف النزاع أو تسريبات حصرية بشأن أحداث مختلفة.

ويتسم هذا المحتوى بعناوين مثيرة تجذب الفضول، مع وعود بتفسير أحداث غامضة أو تقديم روايات بديلة دون الاعتماد على مصادر موثوقة. ويبدو أن الهدف الأساسي لهذه الصفحات ليس فقط نشر المعلومات، بل خلق بيئة إعلامية مشحونة تستند إلى إعادة تدوير السرديات العسكرية بما يخدم أهدافًا محددة، وهو ما يُظهر استخدامًا ممنهجًا للدعاية الحربية عبر منصات التواصل الاجتماعي.

لماذا إندونيسيا؟

توصل فريق «سوداليتيكا» خلال عملية الرصد والتحليل إلى أن عددًا من الصفحات التي تُدار من إندونيسيا وتتناول الشأن السوداني يديرها في الواقع أفراد سودانيون، وهو ما ظهر من خلال بيانات الاتصال، اللغة، وأنماط المحتوى.

غير أن اللافت في الرصد والمتابعة كان هو الحجم الكبير للصفحات التي تبث من داخل إندونيسيا وتستهدف السودان تحديدًا، ما يثير تساؤلًا مشروعًا حول سبب تمركز هذا النشاط في تلك الدولة. وعلى الرغم من عدم التوصل إلى دليل حاسم على وجود حملة منسقة من طرف سياسي أو عسكري منظم، لكن الأدلة المتاحة تشير إلى نمط شائع في الاقتصاد الرقمي الآسيوي، حيث تنشط مجموعات ومستخدمون يلاحقون المحتوى المثير والمرتبط بالأزمات والصراعات، بغض النظر عن بلدهم الأصلي، بهدف جذب التفاعل وتفعيل أدوات التربح في «فيسبوك» و «تيك توك».

في هذا السياق، يصبح السودان، كبلد غارق في الحرب والنقاشات المستقطبة، هدفًا مغريًا لهذه الجهات. إندونيسيا تحديدًا تُعد من أكبر الأسواق النشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتنتشر فيها ممارسات «إعادة تدوير» المحتوى من مناطق أخرى، في ظل ضعف الرقابة على المحتوى الأجنبي وعدم وجود مساءلة عبر الحدود. كما أن البنية الرقمية في إندونيسيا من سهولة تفعيل الربح، إلى تعدد مزودي الإنترنت، إلى غياب إجراءات تحقق صارمة من هوية المستخدم، تتيح بيئة خصبة لتشغيل هذا النوع من الشبكات دون تعقيدات. هذا يجعل من إندونيسيا مركزًا مثاليًا لنشاط ربحي يستغل المآسي الخارجية، بما فيها الحرب في السودان، دون أن يكون للأمر بعدٌ سياسي بالضرورة، بل بوصفه اقتصاد ظل رقميّ قائم على الإثارة والانقسام والتفاعل.

السمات المشتركة لصفحات الفيسبوك التي تم رصدها

  • تُدار جميع الصفحات من إندونيسيا، وتظهر بيانات اتصال محلية مثل أرقام الهواتف الإندونيسية.
  • تستخدم الصفحات أسلوبًا متشابهًا في تصميم العناوين، مع الاعتماد على خطوط كبيرة، ألوان موحدة، وتكرار مفردات مثيرة مثل “عاجل” و”خطير” و”تسريب”
  • عدد من الصفحات لديها قنوات على منصة «يوتيوب» تشارك عبرها نفس التسجيلات.
  • كل الصفحات لا تنتج محتوى خاص بها، ولكن تستخدم أسلوب «إعادة تدوير المحتوى»، مع التركيز على المحتوى المثير، الذي يحتوي في أحيان كثيرة على خطاب كراهية، أي توظيف مقاطع فيديو أو مقاطع صوتية لناشطين من منصة «تيك توك» بصورة أساسية.
  • تعتمد الصفحات على نمط «النشر وإعادة النشر»، حيث يتم تداول نفس المقطع أو المحتوى على صفحات متعددة بأسماء مختلفة.
  • غالبًا ما تُفعّل هذه الصفحات أدوات الربح، مثل خاصية «النجوم» أو الاشتراك على فيسبوك.
  • تستخدم أسماء توحي بالوطنية أو الديمقراطية أو لها علاقة بالثورة مثل «أنا السودان»، «كاميرا الثوار»، «السودان الديمقراطية»، لكن محتواها في الغالب تحريضي أو تضليلي.
  • يُلاحظ استخدام بعض الصفحات لنمط القارئ الإلكتروني في فيديوهاتها، ما يعزز الشبهة حول اعتمادها على أدوات شبه آلية لإنتاج المحتوى.

ملخص التقرير

يكشف هذا التقرير عن شبكة رقمية واسعة تُدار من إندونيسيا وتستهدف السودان بمحتوى يقوم على خطاب الكراهية والدعاية الحربية لأغراض ربحية. رصد فريق بيم ريبورتس أكثر من 50 صفحة على فيسبوك يتابعها أكثر من خمسة ملايين مستخدم، تعيد نشر محتوى مأخوذ من بثوث مباشرة على تيك توك تتضمن تحريضًا، شتائم عنصرية، ونزعًا لصفة المواطنة عن جماعات بعينها. غالبية هذه الصفحات لا تنتج محتوى أصليًا، بل تعتمد على إعادة تدوير محتوى تيك توك ونشره تحت عناوين مثيرة لجذب التفاعل وتحقيق الأرباح عبر أدوات مثل “النجوم” و”الهدايا الرقمية”.

تيك توك تمثل المنصة الأساسية التي يُنتج فيها هذا الخطاب، لكن فيسبوك هو المساحة التي تنتشر فيها الظاهرة وتُعاد فيها تدوير المقاطع على نطاق واسع، ضمن نمط منظم للنشر المتكرر عبر عشرات الصفحات ذات الأسماء المختلفة والمظهر المتشابه. وعلى الرغم من أن المنصتين تعلنان سياسات صارمة ضد خطاب الكراهية، لا تُظهر أي منهما تدخلًا جادًا في ما يتعلق بالسياق السوداني، حيث بات هذا النوع من المحتوى يحظى بانتشار واسع بلا مساءلة تُذكر.

يرصد التقرير كيف تحوّلت الحرب في السودان إلى مصدر دخل لشبكات رقمية تستغل الانقسام والتوتر، وكيف أسهمت خوارزميات المنصات الاجتماعية في تضخيم هذا الخطاب وتطبيعه، في ظل غياب الرقابة، ووسط مناخ سياسي واجتماعي محتقن.

أبرز حسابات «تيك توك» التي تعيد الشبكة نشر محتواها

قائمة صفحات الفيسبوك التي قام الفريق برصدها والتي تدار جميعها من دولة إندونيسيا

اسم المنصة

عدد المتابعين

رابط الصفحة

كاميرا الثوار

772K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100087042461914

قناة المشاوير

318K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100063363151292

قناة الراكوبة الفضائية

46K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100069578791981

صحيفة دلو نيوز

75K

https://www.facebook.com/dlonews

الحمدلله

254K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100092388471097

اخبار السودان اليومي Sudan Daily News

82K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100085573471059

بسمه الفضائي

204K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100091480083295

أنا السودان زاتو 2

197K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100089989608051

شروق24

421K

https://www.facebook.com/keaka.trend

(سودان كشكول (للاخبار

251K

https://www.facebook.com/obamacentre

أحداث السودان

275K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100087129914170

السودان ميديا

409K

https://www.facebook.com/alsudanmedia

الحرية نيوز

52K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100089881158754

ART news عربي

17K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100092303200147

عين الثورة

142K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100092517564817

منبر الثوار

103K

https://www.facebook.com/profile.php?id=61552475129207

ميديا أكشن 2

124K

https://www.facebook.com/profile.php?id=61551932167107

عمق الحدث

318K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100057337244489

البعشوم الاصلي

291K

https://www.facebook.com/profile.php?id=61550954242138&sk=about

قناة السودان الفضائية

64K

https://www.facebook.com/profile.php?id=61552013995778

بيتنا / BITNA

82K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100067872429496

ربوع الوطن

84K

https://www.facebook.com/Blaaack96

موجز الاخبار

35K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100093053520462

قضايا السودان

115K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100090215776428

سوخوي سو-35

158K

https://www.facebook.com/Vehiclerestorationservice

قناة السودان الديمقراطية 1

411K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100063824285082

نداء الوطن

311K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100076076236832

سودان الان

76K

https://www.facebook.com/profile.php?id=61551859322980

حوار السودان

97K

https://www.facebook.com/hiwar70

شمس الحرية

80K

https://www.facebook.com/profile.php?id=100093249186398

ماذا

98K

https://www.facebook.com/mazah70

مسافة

222k

https://www.facebook.com/profile.php?id=61556318845967

أرض السمر والنيل

103k

https://www.facebook.com/profile.php?id=100092954226478&mibextid=ZbWKwL

شاهين – Shaheen News

149k

https://www.facebook.com/profile.php?id=100063621994766&mibextid=ZbWKwL

قناة المتاريس

63k

https://www.facebook.com/profile.php?id=61555469656109&mibextid=ZbWKwL

مشاركة التقرير

البريــد الإلكتروني

© 2022 Beam Reports. created with PRIVILEGE